الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة "ما خلصوناش ما نخلصوش" لمحمد علي القلعي: الانية الصارخة لمسرحية من سبعينات القرن العشرين

نشر في  05 فيفري 2018  (12:46)

من المعتاد بالنسبة الى لإعلاميين ألا يدفعوا ثمن تذكرة الدخول الى عرض اول من مسرحية. لكن العرض هذه المرة هو لمسرحية تونسية مقتبسة من أخرى ايطالية، نسختها المتونسة تحمل عنوان ''ماخلصوناش مانخلصوش''.

الطريف ان جمهورها الايطالي الكادح رفض ذات ليلة دفع ثمن التذاكر واحتج، فلبى داريو فو (1926-2016)  صاحب العمل طلب المتجمهرين... فما عسى محمد علي القلعي مخرج العمل المتونس أن يفعل لو وجد نفسه في مثل هذا الموقف؟

اختارت شركة شرق المنتجة للعمل وأعضاء الفريق العامل أن يحتضنهم فضاء التياترو الحميمي والعريق والمواطنيّ مساء الجمعة 26 جانفي 2018. 

المحلية طريق الكونية الثابت

على نمط البورليسك كانت مسرحية ''ماخلصوناش مانخلصوش''، نمط تندرج فيه عروض كوميدية تختلط فيها النزعة الكاريكاتورية والاضحاك ببعد من اللامعقول المبعثر والمندفع. شكل مسرحي ابدع فيه داريو فو، وها هو محمد علي القلعي يتميز فيه. المسرحية تعود الى سبعينات القرن الماضي وتروي تعاسة الطبقات الكادحة في جنوب ايطاليا أمام ما نصطلح على تسميته بـ''قفة الزوالي''. نصّ متجذر في محليته حتى النخاع ومفتوح على الكونية الى حدّ يمكن القول فيه انه عمل صالح لكل زمان ومكان. كيف لا ومؤلفه حائز على جائزة نوبل للاداب لسنة 1997.

في السهل الممتنع

عاملات يعبرن على استيائهن من غلاء المعيشة وتقلص طاقتهن الشرائية فيقررن مهاجمة مركز تجاري وخفض أسعار البضائع بأنفسهن وحتى سرقتها. صلوحة واحدة من هؤلاء العاملات تعود إلى المنزل محملة بأكياس من البضاعة المسروقة تلتقي في الطريق بصديقتها مريم التى تساعدها على حمل البضائع بعد أن علمت بالأحداث.

لكن ما العمل بهذه البضاعة المسروقة خاصة وأن توفيق زوج صلوحة نقابي مناضل غيور على احترام القانون. يتأزم الوضع وترد السلطة الفعل بسرعة امام الاعتداء الخطير على الممتلكات والمتاجر. المسرحية تطرح أسئلة عديدة حول وضعية الفئات الضعيفة من الزاويتين: الفردية والجمعية. كما يطرح العرض مسألة المساواة بين المرأة والرجل ورمزية الأمومة والخصوبة.

تألق في اللعب والاداء كل من سماح التوكابري وطلال ايوب وعمار لطيفي وضحى عوني وحمودة بن حسين. تقمصوا شخصيات صقلها غسان حفصية الذي اقتبس النص من الايطالية مباشرة. توفق الفريق بقيادة مخرج شاب يزاول تعلمه بالمرحلة الثالثة بالمعهد العالي للفن المسرحي في معادلة صعبة: الضحك الهادف بعيدا عن الابتذال والاتجار بهموم الشعوب.

انور الطرابلسي